كان وجهه يتصبب عرقاً, ويداه تنتفضان بشدة. بينما سكن في قلبه رعب قاتل راح ينهش أعصابه .. فهو يعلم أنهم داخل الغرفة .. إنهم الآن يغتصبون أمه كما يفعلون كل ليلة.
ليس ذلك هو الذي يقلقه .. بل هو قلق مما قد يحدث بعد ذلك .. فبعد قليل سوف يخرجون من عندها, ويمرون به .. والويل – كل الويل – له لو كانوا غاضبين.
انتفض مذعوراً عندما سمع صرير الباب .. هب واقفاً وتعلقت عيناه الزائغتان بوجه كبيرهم وهو يتقدمهم .. تنفس الصعداء لما رآه مبتسماً وقد ارتسمت على وجهه علامات الرضا.
أحني رأسه في خشوع ظاهر عندما اقتربوا منه .. لم يمد يده إليهم, فهو يعلم أنهم لن يصافحوه .. توقف كبيرهم أمامه لحظات ليقول في خيلاء وتكبر
- حسن .. حسن .. كل شيء حسن انفرجت أساريره ثم سرعان ما عاد العبوس إلي وجهه العابس أصلاً عندما أكمل الرجل
- شيء واحد ضايقنا
- ما هو يا سيـــدي؟
- سأحدثك عنه غـداً
ألقي إليه بكسرة خبز ثم انصرف وتركه نهبا للوساوس .. لم يستطع ليلتها أن ينام .. وظل طيلة نهار اليوم التالي بلا طعام ولا شراب
******
بعد أن خرجوا من عندها في الليلة التالية قال له كبيرهم
- أريد أن أجلس معك بعض الوقت
كان ذلك في الحقيقة حلماً بعيد المنال .. لا هو لم يجلس بل ظل واقفاً فهو يعلم قدر نفسه جيداً.
تكلم كبيرهم مقطباٌ جبينه:
- شقيقك قد سبب لنا كثيراً من المتاعب
- ماذا حدث يا سيدي؟!
- بالأمس قتل اثنين من رجالي
اصفر وجهه وهو يسمع هذا الخبر .. بينما احمر وجه كبيرهم غضباً وهو يكمل
- واختطف جندياً آخر صباح اليوم
ازدرد ريقه بصعوبة ثم قال :
- مجنون هو يا سيدي .. مجنون بكل تأكيد
قاطعه في حسم
- كفي لا تدافع عنه
انتفض قلبه ويداه ولسانه وهو يقول:
- أنا .. لا .. أبداً .. على الإطلاق ..
تماسك قليلاً ثم صاح
- أنا برئ منه إلي يوم الدين
ظن أنه بهذه الكلمة قد أرضاه – لكنه كان واهماً .. فوجئ به يزأر قائلاً
- هذا لا يكفي
- غداً سأشجب كل أفعاله.
- لا يكفيني .. لا يكفيني
تملكته حيره شديدة .. راح يقلب بصره في وجوههم وكأنه يبحث في صفحاتها عن الجواب الذي يرضي كبيرهم الذي لم يمهله بل أكمل في لهجة حاسمة
- لابد أن يموت
- سنقتله غداً
- عقاب عادل
- وأنت ستكون معنا .. بل أنت الذي سوف تقتله ونحن سنكون معك