وسع للكبير
مرحباً بك
فى منتدي الشيخ عاصم عبد الماجد
يشرفنا تواجدك معنا
وسع للكبير
مرحباً بك
فى منتدي الشيخ عاصم عبد الماجد
يشرفنا تواجدك معنا
وسع للكبير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

وسع للكبير


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 المسجد والمقهى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin
Admin


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 315
نقاط : 957
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/02/2013

المسجد والمقهى Empty
مُساهمةموضوع: المسجد والمقهى   المسجد والمقهى Emptyالإثنين فبراير 04, 2013 10:04 pm

المسجد والمقهى
بقلم: عاصم عبد الماجد
على الرصيف المقابل للمسجد الكبير، كان (عتريس) جالساًُ حيث اعتاد دائماً.. وقد أسند ظهر كرسيه إلى حائط ((المقهى الحديث)) هكذا سماه صاحبه وهكذا كتب اسمه فوق يافطته القديمة المتهالكة.
كعادته صوب بصره نحو المسجد والزقاق الضيق المؤدي إلى الساحة الخالية خلفه.. لكن مشاعره اليوم كانت مختلفة.. فيما مضى كان يشعر أن هذا المسجد يقف حائلاً بينه وبين السعادة، لكنه اليوم على العكس من ذلك تماماً قد علق كل آماله على هذا المسجد بعينه.
للمرة الثالثة نادي على عامل المقهى ليسأله على موعد النشرة، وهل هو متأكد من أنه التاسعة.
كان ذلك شيئاً غير مألوف ولا هو معتاداً من (عتريس) فلم يعهد عليه قبل الليلة أي اهتمام بالسياسة أو الأخبار العامة.
أزاح في عصبية أساور كم قميصه وراح يحملق في عقارب ساعته وكأنما يستحثها كي تسرع نحو التاسعة.. وقد استقر في وجدانه أن نشرة التاسعة ستحمل له الخبر السار الذي سينهي جميع متاعبه ومشكلاته.
**********
من هذا المكان تحديداً ومن فوق هذا الكرسي نصف المتهالك بدأت متاعبه.. أو بالأحرى بدأ هو رحلة البحث عن المتاعب.. لم يكن يظن وقتها قبل أكثر من اثني عشرة سنة أن خطته للفوز بـ (سعاد) سوف تنتهي به إلى كل هذه المتاعب.
كان كل شيء يبشر بأن خطته تسير في طريقها المرسوم بدقة وأيضاً بخبث ودهاء.. فقد استطاع بمعاونة (شعبان) مرشد المباحث الشهير أن يزج بالشيخ (مصطفى) داخل المعتقل.. واقتضي ذلك منه أن يرد لـ (شعبان) الجميل فيساعده في اعتقال معظم أتباع (مصطفى) ممن كانوا يصلون في المسجد الكبير.
لم يكن له مصلحة في اعتقال هذا العدد الكبير، كان يريد فقط التخلص من (مصطفى) أو (الشيخ مصطفى) كما كان يناديه إخوانه.
فمنذ أن لمع نجم الشيخ (مصطفى) في الحي وبدأ في إلقاء مواعظه الأسبوعية في المسجد الكبير تغيرت (سعاد) حتى أنها ارتدت النقاب مع عشرات من بنات الحي ثم كانت المصيبة الكبرى عندما تقدم لها الشيخ (مصطفى) فوافقت عليه.. هنا كان لابد أن يتدخل.. وقد فعل.. وعندما تنفس الصعداء وهو يشاهد من فوق نفس الكرسي أمام المقهى عربة الشرطة تبتعد مسرعة وبداخلها الشيخ (مصطفى) فوجئ بأن عقد الزواج يتم في المسجد بالفعل ، فقد أتمه والدا العروسين رغم اعتقال العريس !!
كاد يجن ساعتها...
لقد طارت (سعاد) من بين يديه رغم ما فعله بصديق طفولته.
لكن أملاً بدأ يلوح في الأفق...
إنه (النمر)
**********
شعر بالدم يغلي في عروقه عندما تذكر (النمر).. هيئ إليه أن وجهه قد احمر وأن كل المارة أمام المقهى ينظرون إليه ويلاحظون الاضطراب الذي اعتراه.
حاول أن يبدو طبيعياً وهو ينادي على عامل المقهى:
أين النشرة ؟!
لم ينتظر منه إجابة ، بل أكمل قائلاً :
متى تنتهي هذه المسلسلات الهابطة ؟!
أصدر بعض رواد المقهى ضحكة مكتومة.. وغمز بعضهم لبعض.. وتمتم آخر بعض عبارات نابية.. فازداد اضطراب (عتريس) الذي اضطر لأن يصمت ويغوص مجدداً في ذكرياته.
**********
لم يكن (النمر) سوي شاب عاطل.. اسمه الحقيقي (حمروش) وقد تسمى باسم (النمر) بعد اعتقال (مصطفى) وإخوانه.
ولم يكن له مأوى معروف فهو ليس من أهل الحي بل كان يظهر على فترات متقطعة بصحبة ثلة من المنحرفين ثم سرعان ما يختفي.. لكنه بعد اعتقال (مصطفى) قرر أن يقيم في الحي بصفة مستمرة وأن يكون هو فتوة الحي.
استقر به المقام في الساحة الكائنة خلف المسجد فهي تناسب أغراضه تماماً لأنها محاطة بالمباني من كل ناحية وليس لها مدخل سوي ذلك الزقاق الضيق بجوار المسجد.
فجأة سرت شائعة قوية بأنه تم العثور على أسلحة وذخائر في الساحة.. كانت أكذوبة أطلقها (النمر) ودخل على إثرها إلى الساحة واستوطن بها.
قهقه (النمر) عندما ناشدته أحدي اليتيمات أن يسمح لها بأن تأخذ ماكينة الخياطة من الساحة وصاح في اليتيمات الواقفات أمام الزقاق:
الحكومة صادرت كل ما في الساحة.
ردت إحداهن:
كذاب..
تمتمت أخرى:
يرحم الله أيام الشيخ (مصطفى).
ابتسم (النمر) في خبث وقال وهو يقتحم بنظراته الوقحة إحدى الواقفات أمامه:
من تسمع كلامي ستأخذ كل ما تريده.
ثار شقيق إحداهن في وجه (النمر) :
هذا مشغل أقامه الشيخ (مصطفى) وهو يتبع جمعية خيرية والقانون يمنعك من..
قاطعه (النمر) مطلقاً شخيراً قذراً عالياً من خياشيمه:
القانـون.
قالها وهو يمد يده بين طيات ملابسه ويخرج سكيناً طويلاً..
بعد لحظات كان (النمر) يمسح الدم عن سكينه بينما كان كلبه (ميرة) يلتهم أجزاء مقطوعة من أذن الشاب المسكين وبعض أصابعه.
بعد نصف ساعة وصلت (الإسعاف)...
وبعد ساعة ونصف وصلت (النجدة )...
وفي قسم الشرطة قد الحادث ضد مجهول.
**********
اقشعر بدن (عتريس) عندما تذكر هذا المشهد الرهيب حتى اهتز الكرسي المتهالك تحته.. صاح يطلب من عامل المقهى :
- كوب شاي.
لم يمد يده إلى كوب الشاي ، بل لم يلحظ العامل عندما وضعه أمامه فقد كان هناك بعقله وخواطره.
**********
شقيقته (حسنية) هي التي أشارت عليه بأن يستعين بـ(النمر) من أجل استرداد (سعاد)..في البداية أبدى (عتريس) تردداً :
وكيف سيتدخل (النمر) في هذا الأمر يا (حسنية).
أنت ستطلب منه هذا.
أنا ؟!
نعم.. أنت صاحب المصلحة.. و(النمر) شهم وسوف يساعدك.
قد يرفض.
إن رفض لن تخسر شيئاً.
هكذا قالت له.. ولكنه أكتشف متأخراً بعد فوات الأوان أنه قد خسر أشياء كثيرة.. بل كثيرة جداً !! لم يضيع (عتريس) الوقت وذهب مسرعاً إلى (النمر) في وكره خلف المسجد وأخبره بأنه سيستضيفه غداً.. أبدي (النمر) تمنعاً ثم وافق بعد إلحاح شديد في الموعد المحدد.. كان يجلسان سوياً على المائدة.. ترددت شقيقته عليهما مراراً وهي تحمل أطباق الطعام.. لم يشعر بالنظرات الوقحة التي صوبها (النمر) إلى عيني شقيقته.. ولا بالابتسامات العذبة التي ردت بها عليه.
- مشكلتك بسيطة.. وحلها عندي.
هكذا قال (النمر) في ثقة بالغة بعد أن استمع منه إلى قصته كاملة.
- سأتزوج من (سعاد).
سأله (عتريس) في لهفة.. فأجابه بهدوء شديد وهو ينفث في وجهه دخان البانجو :
- عندي خطة مضمونة.. ويمكن أن نبدأ في تنفيذها من الآن..
صمت برهة وهو يرقب تهلل وجه صاحبه ثم أكمل وهو يضغط على مخارج الحروف في بطء :
- لكننا سنحتاج إلى عنصر نسائي يساعدنا.
بعد دقائق انضمت (حسنية) إلى مجلسهما بطلب من شقيقها وراح (النمر) يشرح خطته ويوزع الأدوار على ثلاثتهم دون أن يفارق بصره وجهها.
**********
أفاق على حوار بين رواد المقهى :
أين البطلة الأصلية للمسلسل.. هذا كلام فارغ لقد تم استبدال البطلة بعد عشرين حلقة.
سمعت أن البطلة اعتزلت التمثيل.
اعتزلت !!
صاح آخر:
كتبوا في الجرائد أنها ارتدت النقاب.
النقاب !!
قال رابع في لهجة العارف :
- أهل الفن يقولون إن هذا إفلاس فني.
كاد (عتريس) أن يرد على صاحب الصوت الأخير هذا فهو يعرفه جيداً إنه ابن (ليلى) راقصة الأفراح.
لكن (عتريساً) آثر أن يصمت فقد تذكر أموراً ألجمت لسانه.
**********
فشلت خطة (النمر) فشلاً ذريعاً.. فلا والد (سعاد) خاف من تهديداته ولا هي استجابت لإغراءات (حسنية) ولا (عتريس) استطاع أن يفعل شيئاً.
وليت الأمور ووقفت عند حدود هذا الفشل.. لقد وقعت المصيبة الكبرى.. لقد نشأت علاقة محرمة بين (النمر) و (حسنية).. وظل أهل الحي يتهامسون بهذا الأمر لمدة شهرين كاملين دون أن يشعر (عتريس) بشيء حتى أرسل والد (مصطفى) إليه يطلب منه الحضور لزيارته.
ذهب متوجساً.. وخرج ثائراً بعد أن أخبره الرجل بما يحدث.. عندما واجه شقيقته أمام والدته بما سمعه فوجئ بها تقول في تحدٍ إنها تحبه وإنه سوف يتزوجها.. صفعها بقسوة فصاحت في وجهه في تحد ظاهر:
- لو كنت رجلاً لذهبت لتضربه هو.
استدار دون وعي منه نحو الباب وهو يصرخ مردداً :
- سأقطع رقبته.. سأقطع رقبته.
كررها ثلاث مرات.. لكن صوته في المرة الثالثة كان ضعيفاً خافتاً.. لقد تذكر ما حدث مع الشاب اليتيم الذي صارت أذنه وبعض أصابعه طعاماً للكلب (ميرة).. ارتعش عدة مرات قبل أن يتوجه خافض الرأس بخطوات متثاقلة إلى الشارع.
**********
أفاق على صوت زجاج يتكسر.. اكتشف أنه أزاح بيده كوب الشاي فسقط على الأرض..
- ماذا حدث لك الليلة يا (عتريس).
قالها عامل المقهى وهو ينحني ليجمع قطع الزجاج..
لا تحزن سأدفع ثمنه.
أنا حزين عليك.. لا على الكوب.. ماذا جرى لك يا رجل ؟!
لا شيء.. لا شيء.. سأكون بخير حال عندما أسمع النشرة.
**********
مر (عتريس) بأزمة نفسية قاسية، فهو يعلم أن أخته على علاقة بـ(النمر) ولا يستطيع منعها ولا منعه.. فكر عدة مرات في أن يرحل ويترك الحي بأسره.. فلم يعد قادراً على تحمل همز أهل الحي ولمزهم.
لكن أين يمضي ؟! ومن أين يأكل ؟! فهو لا يحسن صنعة، وقد توقف تعليمه عندما جاءته شهادة الصف الأول الإعدادي كان بها أربع دوائر حمراء.. وهو يعيش من كسب والدته بائعة الملابس المستعملة.
ظل عدة ليل يقارن بين (مصطفى) وبين نفسه وأحياناً بين (سعاد) وبين شقيقته.
بدأ يشعر لأول مرة أن (مصطفى) ربما كان في حال خير من حاله.. أحس لأول مرة بشيء من تأنيب الضمير لما فعله بـ(مصطفى).
في هذه اللحظات قفزت إلى رأسه الفكرة القديمة التي نفذها ضد (مصطفى).. مكث يوماً كاملاً يبحث عن المرشد (شعبان) حتى وجده. راح يحملق صوب الزقاق المجاور للمسجد من مقعده بجوار حائط المقهى وهو يقول لـ(شعبان) :
عندي لك شغل كبير هنا في الحي.
خير.. هنا في الحي.
(النمر) !!
امتعض وجه (شعبان) عندما سمعه يقول اسم (النمر) فقال مصطنعاً السذاجة.
هل الحي صار سيركاً.. نمر.. و أسد..
اخفض صوتك.. أقصد (النمر) المجرم.
قالها وهو يشير في حذر نحو الزقاق ثم أردف بصوت منخفض :
مخدرات ودعارة وبلطجة.
عارف.. عارف
إذن.. يدي في يدك
قالها (عتريس) وهو يمد يده نحو (شعبان) تماماً مثلما مد يده إليه يوم اتفقا على الإيقاع بـ(مصطفى)، لكن (شعباناً) لم يضع يده في يده هذه المرة.. بل قال:
- نحن أمن سياسي.. كل ما أستطيع فعله هو إبلاغ القسم عنه.. والمباحث الجنائية تتصرف معه.
صمت برهة ثم أردف:
علاجك الوحيد هو الزواج.
من (سعاد) ؟!
لا.. لا.. انس هذه البنت.. إنها مثل (مصطفى).. الطيور على أشكالها تقع.. أنت محتاج زوجة مخلصة ومتفتحة تمسح جراحك وتخفف آلامك.
كاد (شعبان) يقفز فرحاً من فوق كرسيه وهو ينطق بالكلمات الأخيرة هذه، فهو منذ أن سمعها في الراديو منذ شهر يحاول أن يحفظها ليقولها في أي مناسبة.. وفي كل مرة كان يحاول ذلك كان لسانه يتلعثم.. أخيراً الليلة استطاع أن يقولها.. راح يكررها في زهو :
نعم.. تمسح جراحك وآلامك.
مثل من ؟!
في الحقيقة فاجأتني بالسؤال يا (عتريس).. لكني سوف أبحث لك عن بنت الحلال.
بعد يومين فقط أخبره (شعبان) أنه وجد له بنت الحلال وأنها تناسبه تماماً:
جمال ومال وأصل وحسب ونسب..
وأخلاقها يا عم (شعبان).. أهم شيء الأخلاق.
مؤكد.
والدين.. لابد أن تكون متدينة..
قالها (عتريس) على استحياء.. فلم يرد (شعبان) على أنه راح يكرر :
- مؤكد.. مؤكد..
لم يدر كيف تم زواجه منها بسرعة.. لكنه على رأيه حال أضاف إلى مشكلاته مشكلة جديدة.. وكبيرة.
كانت زوجته في الحقيقة ذات سوابق.. ولها قضية دعارة.. لم يعرف ذلك إلا بعد زواجه منها بعدة أشهر.. وعندما حاول أن يلوم (شعبان) على ذلك رمقه الأخير بنظرة ذات معزي وهو يقول:
- كل واحدة هذا الزمان لها مشكلات، وعليها مؤاخذات.
فهم (عتريس) قصده ، فلم يتكلم.. بينما راح شعبان يؤكد :
- وهذه البنت تابت واستقامت.. لا داعي للشكوك يا (عتريس).
حاول (عتريس) أن يصدق ما قاله (شعبان) وأكدته له بعد ذلك زوجته من أنها تابت.. لكنه اكتشف بعد أسابيع قليلة أنه قد خدع للمرة الثانية.. لقد كانت على علاقة بـ(النمر).. لم تكن تذهب إليه في الزقاق كما فعلت (حسنية) بل كان يأتي إليها في بيت زوجها (عتريس) !!
حدثت مشادة كبيرة بينه وبين (شعبان) الذي لم ينس أن يسخر منه بقوله:
- الرجل هو الذي يستطيع المحافظة على عرضه.
وجد نفسه يصيح في هستيريا:
- الطلاق.. الطلاق.. لا حل سوى الطلاق.. سأرميها في الشوارع التي جاءت منها.
أحس بأنه قد أزاح عن كاهله حملاً عظيماً وهو يردد هذه الكلمات.. لم يدري أن المساء يحمل له مصيبة جديدة.
**********
لم يشعر بعامل المقهى وهو يضع أمامه كوب شاي مكان الذي سقط وتحطم منذ قليل.. فقد كان بصره متعلقاً بمأذنة المسجد العالية.. لأول مرة يستشعر من نفسه تعلقاً بهذا المسجد رغم أنه لم يدخله من قبل سوى مرات معدودات.
الليلة.. والليلة فقط شعر بأن نفسه ترتفع كلما ارتفع بصره صوب المأذنة العالية.. تمتم في نفسه :
- " إيه.. سلام عليك يا شيخ (مصطفى).. سامحني"
كادت دمعة تفلت من مقلتيه.. حبسها ثم سأل سؤاله المعتاد :
- النشرة.. هل جاءت النشرة ؟!
لم يرد عليه أحد.. وتركوه يعود إلى أفكاره.
**********
بعد ساعات قليلة من حدوث المشادة مع (شعبان) فوجئ بـ(النمر) يتوجه صوب المقهى ويجلس دون استئذان إلى جواره ويقول في لهجة وعيد لا تخفى عليه.
- بنات الناس ليست لعبة.. تتزوجها أمس ، وتطلقها اليوم.
لملم شتات نفسه واستجمع شجاعته وهو يقول :
- وأنت ما شأنك.. زوجتي وأنا حر.
احمر وجه (النمر) غضباً فأمسك بيده الغليظة كتف (عتريس) بقوة حتى كاد يخلعه.. ثم راح يهزه هو والكرسي الجالس عليه وهو يصيح :
- الحي فيه أصول.. وله كبير.. وهذا الطلاق لن يتم.
قبل أن يفتح فمه بكلمة كان (النمر) قد دفعه إلى الخلف بقسوة وانصرف وهو يقول:
- الموضوع انتهى.
اكتشف إلى أي مدى بلغ به الهوان !! فـ(النمر) يجبره على الاحتفاظ بهذه الساقطة في بيته وأن تظل على ذمته كي يتمتع بها هو كيف يشاء.
كاد يجن !!
فكر مراراً بقتل (النمر) كي يغسل العار الذي ألحقه به مراراً.. كان يشعر براحة عجيبة عندما يفكر في ذلك.. لكنه لم يجرؤ قط على تحديد موعد لذلك.. كان يعرف أنه لن يفعلها.. وأن هذا مجرد خيال بعيد وأمل كاذب.
مرت به ليال قاسية.. بكي فيها حاله طويلاً وبكي فيها أيضاً صديق طفولته (مصطفى).
**********
صاح بعض الجالسين مخاطبين عامل المقهى :
القناة الثانية أو النيل الرياضية.
قفز (عتريس) من فوق كرسيه وأسرع إلى داخل المقهى :
لا.. القناة الأولى.
صاح شخص آخر:
الثانية.. الثانية.. المباراة ستبدأ في التاسعة.
صاح عتريس :
النشرة.. النشرة
كادت تنشب مشاجرة.
قام صاحب المقهى البدين من مقعده الذي لا يتحرك من فوقه إلا نادراً وحسم الأمر بقوله:
نسمع أولاً موجز أخبار التاسعة ثم نشاهد المباراة.
تململ بعض الرواد فأكمل صاحب المقهى :
الموجز نصف دقيقة لا أكثر.
قال (عتريس) وقد انفرجت أساريره :
نعم نصف دقيقة لا أكثر.
صمت بعدها واتسعت حدقتا عينيه وهو يحملق في الشاشة التي كتب فوقها:
( نشرة التاسعة بعد قليل )
تسارعت دقات قلبه وراح صدره يعلو ويهبط.. كان يتمتم في نفسه :
" سيخرج (مصطفى) وإخوانه.. سيختفي (النمر).. سيهرب خوفاً منهم.. سأطلق الداعرة.. و سأضرب (حسنية)".
كانت المذيعة تقول في دلال مصطنع :
مجلس الشعب يوافق بأغلبية كبيرة على مد العمل بقانون الطوارئ لمحاربة الإرهابيين.
صرخ كمن لدغه عقرب :
حرام !!.
كانت صور (النمر) و(شعبان) وزوجته و (حسنية) تتابع أمام عينيه.. لكنه قبل أن يخر مغشياً عليه تراءت له صورة قديمة لـ(مصطفى) وأخرى لـ(سعاد).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://assemabdelmaged.alafdal.net
 
المسجد والمقهى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
وسع للكبير :: أدب اسلامي :: أدب اسلامي-
انتقل الى: