وسع للكبير
مرحباً بك
فى منتدي الشيخ عاصم عبد الماجد
يشرفنا تواجدك معنا
وسع للكبير
مرحباً بك
فى منتدي الشيخ عاصم عبد الماجد
يشرفنا تواجدك معنا
وسع للكبير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

وسع للكبير


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 فيمن هديت

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin
Admin


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 315
نقاط : 957
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/02/2013

فيمن   هديت Empty
مُساهمةموضوع: فيمن هديت   فيمن   هديت Emptyالإثنين فبراير 04, 2013 10:06 pm

فيمن هديت
بقلم: عاصم عبد الماجد
لم يبال بنظرات التعجب التي رمقه بها أكثر المارة عندما انقض – وكأنه طفل صغير - على حجر بجوار الرصيف وضربه بقدمه فأطاح به بعيداً. هو لم يفعل ذلك – في الحقيقة – إلا كمحاولة – يبدو أنها يائسة – لطرد تكلم المشاعر المبهمة الغامضة التي تلازمه منذ استيقظ من نومه في الثالثة بعد الظهر كما هي عادته.
عاد يساءل نفسه مرة أخري عن سر هذه المشاعر الغامضة: "هل أنا حزين؟! ولماذا هذا القلق؟! أهو حقاً قلق أم ماذا؟!"
لم يهتد إلي إجابة .. فزادته تساؤلاته هذه حيرة وزاد الأمر عليه إبهاماً وغموضاً.
حاول أن يقنع نفسه بأنه سينسي كل هذا وسيزول عنه كل ما يجده في المساء عندما يصل إلي دارها حيث الضحكات والكئوس والأجساد البضة العارية لتلك الثلة المحترفة من صغار البغايا الحسان.
تساءل "ولماذا أنتظر إلي المساء؟! لماذا لا أذهب إليها الآن؟!"
لم يتردد طويلاً , وقد خيل إليه للحظات أنه قد تخلص بالفعل من إلحاح المشاعر الغامضة على قلبه. وسرعان ما اكتشف أنه واهم .. فجأة إلتمع بذهنه وميض عجيب .. هيئ إليه معه أنه كاد يدرك حقيقة ما يعتمل بنفسه .. لكن هذا الوميض انطفأ قبل أن يتمكن من الوصول بفكره إلي ما يبحث عنه.
صاح به أحدهم :
- احترس احترس ..
قفز بسرعة فوق الرصيف في نفس اللحظة التي مرقت فيها إلي جواره عربة نقل مسرعة .. امتقع لونه عندما شاهد العربة المسرعة .. راح يكرر دون قصد منه.
- الحمد لله .. الحمد لله .. الحمد
توقف فجأة عن تردادها .. فقد إلتمع بذهنه – مرة ثانية – هذا الوميض .. كان هذه المرة أطول من سابقه .. لكنه مع ذلك سرعان ما انطفأ .. غير أنه لم يعد خالي الوفاض .. فلقد التقط بفكره خيطاً ضئيلاً ..
تمتم في نفسه :
"نعم .. نعم هذه المشاعر ليست جديدة على قلبي لقد مرت به من قبل"
كان قد وصل بالفعل إلي شارع الكورنيش .. قرر أن يمضيها في التجول بفكره في المحطات المهمة في حياته بحثاً عن إجابة تساؤله الجديد ..
"متى وأين مرت بقلبي هذه المشاعر ؟"
توقف عن المسير لحظة وقد خيل إليه أنه قد وجد ما يبحث عنه ..
" نعم إنه الشعور الذي انتابني عندما ذهبت إلي دارها أول مرة"
هو لم يذهب ليلتها عالماً بما سيحدث هناك .. فقد كان مدعواً إلي حفلة عيد ميلاد . هكذا قال له صديقه معطياً إياه عنوان بيت لم يذهب إليه من قبل..
فوجئ أن الحفلة قاصرة على أربعة فقط هو وصديقه وفتاتين حسناوتين.
كانت هي من نصيبه.. عندما اقتربت منه ضربت قلبه موجات متتابعة من مشاعر غامضة.
"أتكون هي؟!"
مط شفتيه في أسي وهو يجيب على تساؤله :
"لا ليست هي مشاعر اليوم"
عاد يبحث من جديد ..
- "المسجد .. المسجد"
هكذا قال في نفسه ..
"لعلها المشاعر المتضاربة التي انتابتني يوم أن مررت بالمسجد لأول مرة وأنا في طريقي إلي دارها" . فلقد كان في بداية معرفته بها وتردده على دارها يذهب من طريق بعيد كي لا يمر على المسجد رغم أنه كان قد أغلق منذ فترة.. لم يفعل ذلك – في الحقيقة – إلا احتراماً لذكري أيامه السابقة في هذا المسجد مع الشيخ "خالد" وإخوانه.
لكنه ذات مرة قرر أن يحطم هذا الحاجز النفسي ويمضي إليها من طريق المسجد, كان يظن أن كثرة معاصيه مع طول الزمان قد تكفلا بإنهاء هذا الاحترام في قلبه ..
لكنه بمجرد أن اقترب من المسجد المغلق عصفت بقلبه مشاعر شتي
"أتكون هي؟!"
"لا .. لا .. ليست هي"
هكذا سأل نفسه وهكذا أجابته .. فزادت حيرته حتى جعل يهز رأسه هزاً عنيفاً وكأنه يحاول – بالقوة هذه المرة – أن يخرج هذه التساؤلات من رأسه.
لكن .. هيهات .. هيهات
"هل هي ذات المشاعر التي انتابتني يوم سمعتها تشتم خالداً وإخوانه"
- متخلفون يا حبيبي .. حاولوا أكثر من مرة منعي من الالتقاء بأصدقائي لكنهم فشلوا .. وكانت السجون هي مأواهم اللائق بأمثالهم.
آلمته كلماتها تلك لكنه حاول أن يكتم مشاعر الألم ليعيش لحظات البهجة فتصارعت المشاعر المتناقضة بداخله ..
"لا .. ليست هي!!"
كان قد اقترب من المسجد ..
وكانت الشمس تسقط في مياه البحر عن يساره ..
استرعاه مشهد الغروب برهة , فنسي ما كان يفكر فيه منذ قليل.
أحس أن شيئاً غير مألوف يحدث حوله .. تلفت يمنة ويسرة فلم ير ما يسترعي انتباهه..
مرقت عربة شرطة إلي جواره فلم يلتفت إليها ..
لكن الضوضاء حوله تحمل في ثناياها شيئاً غير معتاد.
حاول أن يتبينه مرة ثانية..
فجأة عاد ذلك الوميض العجيب يلمع أمام ناظري قلبه.
توقف مبهوتاً وقد فغر فاه
لقد بدأ يتذكر شيئاً فشيئاً متى وأين مرت بقلبه هذه المشاعر.
كان ليلتها هائماً على وجهه يسير حيثما حملته قدماه عندما انساب إلي سمعه عبر مكبر الصوت ذلك الصوت الخاشع الجميل.
- اللهم أهدنا فيمن هديت
- وعافنا فيمن عافيت
- وتولنا فيمن توليت
لم يدر كيف تسللت هذه الكلمات من أذنيه لتسكن في قلبه .. ولا كيف سكن قلبه إليها
نعم .. نعم .. في لحظة واحده أحس أن قلبه المضطرب دوماً يستشعر لأول مرة في حياته شيئاً من السكينة والهدوء.
ليلتها لم يشعر بنفسه إلا وقد قفز ليعبر الطريق صوب باب المسجد.
رآهم واقفين في الصلاة .. والإمام لا زال يدعو .. وقف يتأملهم وقد اختلطت في قلبه مشاعر عجيبة ولا يعرف لها وصفاً .
عندما بدءوا يخرجون من المسجد تباعاً كان لا يزال واقفاً .. حتى خرج إمامهم .. فوجئ بأنه شاب وليس كهلاً.
التقت عيناهما .. أراد أن يتكلم فلم يدر ماذا يقول.
فرح فرحة طفل صغير عندما بادره الإمام بالسلام ومد يده إليه مصافحاً.
صافحه وعيناه معلقتان بوجهه .. كان يتلألأ كأحسن ما يتلألأ نجم في صفحة سماء صافية .
حاول مرة ثانية أن يقول شيئاً فلم يستطع .
ابتسم عندما سأله الإمام الشاب :
- أظنك تريد أن تقول شيئاً .
أخيرا استطاع أن يتكلم :
- نعم .. نعم . أريد أن أتحدث معك قليلاً.
فوجئ به يأخذ بيده ويشبك أصابعه بأصابعه وكأنهما صديقان حميمان .. عبر به الطريق وسارا بمحاذاة الشاطئ أحس وقتها أنه لم يأخذ بيده فقط .. وإنما أخذ أيضاً بعقله .. أحس أن فؤاده قد قفز من بين أضلعه واستقر في كف هذا الإمام الصغير .
تشجع أكثر وأكثر فقال:
- سمعتك تقول شيئاً أريدك أن تشرح لي معناه .
- ما هو .
استدار بوجهه نحوه وهو يقول مستفهماً :
- أهدني فيمن هديت
التقت عيناهما .. اضطرب لحظة فقد خيل إليه أن هذا الشاب قد اقتحم ببصيرته أسوار شخصيته وأنه قد قرأ بنظرة واحدة كل أسراره .. سرعان مازال اضطرابه .
.. شعر بارتياح عجيب رغم أنه صار متأكداً أن عينيه قد اعترفتا في نظرة عجلي لعيني هذا الشاب بكل خطاياه .. وأنه قد ألقي عناء سنين طوال بين يديه.
حدثه ليلتها حديثاً جميلاً لم يسمع من قبل مثله .. حدثه عن هدي الله الذي يهدي من يشاء من عباده .. حدثه عن القلوب التي تكون غارقة في شهواتها فإذا أتاها هدي الله استقامت .. حدثه عن لذة الهدي التي تمحو من القلب لذة الهوى .. بكي ليلتها ففوجئ بصاحبه يبتسم في فرح وهو يربت على كتفه ويقول :
- كلنا في حاجة إلي هذه الدموع .. هذه بداية إقبال العبد على الرب .
ابتسم في حياء تحية لهذه الليلة التي لن تعود ..
انحدرت من عينه دمعة أسفاً على أعوام هدي قد مضت وعلى صحبة خير قد انقضت ..
مد يده ليمسح الدمع عن خده محاولاً أن يكبح مشاعره ..
فوجئ بأن الدمع يأبي أن يتوقف .. عادت كلمات صاحبه تلح على قلبه
- كلنا في حاجة إلي هذه الدموع .. هذه بداية إقبال العبد على الرب.
أحس كأن صاحبه يقف إلي جواره .. وأنه قد أخذ كفه في كفه وشبك أصابعه مع أصابعه .. وأن قلبه قد قفز مرة ثانية من صدره واستقر في يده .. سأل نفسه في دهشة :
"ما هذا؟!"
فلقد كانت مشاعره تتنامى كما تنامت في تلك الليلة البعيدة ..
كان جسده ينتفض بشدة وهو يتذكر كل كلمة سمعها منه ليلتها وكأنه يعيشها الآن مرة ثانية ..
كانت مشاعر تلك الليلة البعيدة تعاوده ..
أحس أن قلبه المضطرب قد سكن فجأة .. مرة أخري راح يتساءل :
"ما هذا؟!"
تذكر كلمات صاحبه عن لذة الهدي التي تمحو عن القلب لذة الهوى ..
التفت دون وعي صوب المسجد .. وقد راوده أمل عجيب أنهم هناك ..
تكسرت نظراته على باب المسجد المغلق .. رفع بصره ثانية صوب المسجد .. عبر الشارع قفزاً .. لم يتوقف إلا عندما اصطدم جسده بقوة بالباب المغلق .. رفع يديه وراح يدق الباب بكفيه ..
كان يردد باكياً :
- فيمــن هديــــــــت.
- فيمــن هديــــــت.
- فيمــن هديــــــت.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://assemabdelmaged.alafdal.net
 
فيمن هديت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
وسع للكبير :: أدب اسلامي :: أدب اسلامي-
انتقل الى: