وسع للكبير
مرحباً بك
فى منتدي الشيخ عاصم عبد الماجد
يشرفنا تواجدك معنا
وسع للكبير
مرحباً بك
فى منتدي الشيخ عاصم عبد الماجد
يشرفنا تواجدك معنا
وسع للكبير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

وسع للكبير


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 طاردة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin
Admin


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 315
نقاط : 957
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/02/2013

طاردة          Empty
مُساهمةموضوع: طاردة    طاردة          Emptyالإثنين فبراير 04, 2013 10:06 pm

بقلم عاصم عبد الماجد
ألقى نظرة خاطفة في مرآة دراجته النارية ليتأكد أن رابطة عنقه في مكانها .. ثم ارتد ببصره إلى أكمام جاكتة بدلته الجديدة ثم خفضه ليتأمل لمعة حذائه .
فالمظهر شيء ضروري ومهم جداً ... هكذا تعلم منذ أستلم وظيفته التي حصل عليها بشق الأنفس.
إنه ((طلعت فتحي)) خريج كلية التجارة عام 1993 وخريج معتقلات وسجون مصر عام 2006.
أدار محرك دراجته النارية .. وقبل أن ينطلق التفت إلى الوراء ليتأكد من أنه قد أحكم ربط الحقيبتين خلفه .. تمتم في نفسه: "أشياء ثمينة.. ثمنها غال .. حرام أن تضيع"
لم يك ما في الحقيبتين مملوكاً له .. بل إنها ( البضاعة ) التي يقوم بتسويقها. فهو يعمل مندوب مبيعات لا أكثر. لكنهم أصروا في الشركة على أن يكتب شيكات بقيمة البضائع التي يستلمها كل يوم.
- هذه أصول التجارة .. لا بد أن أحافظ على رأس مالي .. وهذا شرطي .. وأنت حر .
هكذا قال له صاحب الشركة قبل أن يعمل عنده.. لم يكن توقيع الشيكات هو شرطه الوحيد.. فقد أشترط عليه فوق ذلك أن يشتري دراجة نارية من ماركة معينة باهظة الثمن وأن يرتدي ثياباً فاخرة.
- أهم شيء مظهرك .. مظهرك عنوان الشركة عند العملاء .
لم يجد صعوبة في الحصول على ثمن الدراجة وثمن بدلتين كاملتين جديدتين وزوجين من الأحذية . لكن هذه الأشياء قضت تماماً على " التعويض" الذي قبضها.. أو بالأحرى على نصف منحه "التعويض" المستحق له فقد حكمت المحكمة بثلاثين ألفاً كاملة كتعويض عن ثلاثة عشر عاماً قضاها في المعتقل . لكن المحامي اقتطع نصف هذا المبلغ .
علت الكآبة وجهه عندما تذكر هذا الرجل .. زاد من سرعة دراجته وكأنه يريد أن يهرب من تذكر الخديعة التي تعرض لها على يده هذا الرجل.
- المحكمة توشك أن تنطق بالحكم.. قريباً سنقبض التعويض يا شيخ طلعت.
هكذا بشره المحامي في آخر مرة زاره فيها بمعتقل الوادي الجديد .. وهو آخر خمسة معتقلات تنقل بينها .. أردف المحامي بسرعة .
- أحضرت معي موثقاً من [ الشهر العقاري ] لتوقع على توكيل وعقد جديد.
- أنا وقعت على توكيل وعقد من قبل ذلك.
- توكيل جديد يا شيخ.
- لماذا ؟ !
- بصراحة.. العقد القديم نصيبي فيه قليل .
- الربع قليل !!
- مصاريف القضية كثيرة .
- أنا دفعتها لك .
سكت المحامي برهة قبل أن يقول مصطنعاً الضيق ؟
- أنت ستضطرني إلى أن أقول لك ما لم أكن أريد أن أقوله .
صمت طلعت فأكمل المحامي..
- لقد صرفت كثيراً على أسرتك طوال فترة اعتقالك .. والآن لابد أن ترد لي بعض حقوقي .
آلمته الكلمة .. فهو لم يسمع بذلك من قبل .. أمه وأخته لم تقولا له شيئاً من ذلك في الزيارات القليلة التي رآهما فيها.
كاد المحامي أن يجهز على البقية الباقية من كرامته وهو يقول بصوت تعمد أن يجعله مرتفعاً:
- كل زيارة أعطي أمك وأختك ما لا يقل عن ألف جنيه .
أحس بشيء ينكسر بداخله .. لم يستطع أن ينطق بكلمة .. لكنه كان الآن مستعداً لأن يوقع على ما يريده منه المحامي.
- على أية حال أنا معي توكيل سابق كما تعلم .. ولو قمت بالتنازل عن القضية بهذا التوكيل ستكون أنت الخاسر .
لم يك بحاجة إلى هذا التهديد كي يوقع على العقد الجديد .
انحدرت دمعة غليظة من عينه .. سرعان ما اختطفتها الرياح التي كانت تضرب وجهه بقسوة.. اكتشف أن سرعته زادت كثيراً فأرخى يده قليلاً من فوق مقبض الوقود.
بعدما خرج من المعتقل فوجئ بأن أمه قد باعت المنزل الذي تركه أبوه .. وكذا باعت ثمانية عشر قيراطاً هي كل ما تركه لها إخوتها الذكور من ميراث أبيها ..
عندما سألها " لماذا " ؟! .. أخبرته أن مصاريف الزيارات كانت كثيرة .. لم يستوعب كيف تكلفت مثل هذه الزيارات القليلة كل ثمن البيت والأرض.. فوجئ بها تخبره بأن المحامي كان يأخذ ألفي جنيه لكل تصريح زيارة يستخرجه.
لم يشأ أن يخبرها بأن تكلفة استخراج التصريح لا تزيد عن خمسة جنيهات .. خاف عليها أن تموت غيظاً وكمداً.. اختار أن يحترق هو وحده من الداخل.. قبل يديها ووعدها أنه سيرد لها الجميل.
أطلق آلة التنبيه بصورة متكررة فيما يشبه الاعتراض على ما يحدث أمامه.
- قلة أدب.
هكذا قال بصوت عال وهو يمر بجوار شاب قد أدار ذراعه حول خصر فتاة خليعة في مشيتها وثيابها.
- ضحكت الفتاة ضحكة ماجنة، بينما صاح الشاب في صوت يشبه صوت النساء.
- متخلف.
أكمل عندما انتبه أنه ملتح .
- .. وإرهابي.
هز طلعت رأسه في أسى وهو يتمتم.
(( الناس تغيرت فعلاً يا عم سلطان )) .
- ابتسم عندما تذكر (الجاويش سلطان) .. إنه حارس عنبر 3 بمعتقل دمنهور حيث أمضى طلعت أكثر من نصف فترة اعتقاله التي طالت حتى جاوزت ثلاثة عشر عاماً .
عندما رآه لأول مرة توجس منه شراً فهو صاحب أكبر شارب وأضخم جثة وأعلى صوت من بين جميع الحراس.
لكنه شيئاً فشيئاً أحس أنه طيب القلب حتى اطمأن له وارتاح إليه بعد حين .
- قلبي انفتح لك يا طلعت يا بني..
هكذا قال له سلطان ذات يوم وهو يبدي تعاطفه معه ومع بقية إخوانه.. أجابه طلعت بسرعة بديهة .
- تفتح لي قلبك وتغلق علي زنزانتك.
تغير وجه سلطان وهو يقول بصوت خفيض .
- أكل العيش مر .
ذات يوم فوجئ بسلطان يقول له :
- اسمع يا طلعت.. أنت عالم بالدين وأنا خبير في الدنيا .. أعطني مما أعطاك الله وأنا أعطيك مما أعطاني الله .
- ماذا تريد مني ؟
- تعلمني القرآن .
- وأنت ماذا ستعطيني ؟!
- الدنيا.
- لا أفهم .
- غداً ستفهم .
قبل أن يخرج من المعتقل كان قد حفظ وصايا الجاويش سلطان التي ظل يرددها على مسامعه ويسهب في شرحها له .
صارت تلك الوصايا مادة فكاهية يتندر بها ساكنو زنزانة طلعت بين الحين والآخر .. كانوا كلما اشتاقوا إلى سماعها من فم رفيقهم وضعوا له صفاً عالياً من البطاطين المتهالكة كي يجلس فوقها وكأنها كرسي الجاويش الموضوع في أول العنبر ثم ينفخ أوداجه ويمر يده عدة مرات فوق وجنتيه مقلداً (سلطان) عندما يفتل شاربه ثم يحاكي صوته الغليظ .
- أول قاعدة لابد أن تفهما يا بني [ الناس تغيرت.. والدنيا تغيرت ]
كان طلعت يقولها وهو يدير عينيه يمنة ويسرة ثم يصمت قليلاً ريثما تهدأ ضحكات زملائه قبل أن يكمل :
- كن في حالك .
قالها وهو يميل على من بجواره ثم أكمل بصوت خفيض
- هذه القاعدة يا ولد تعلمتها في عشرة أعوام خمسة في الشارع وخمسة في الميري .
قبل أن تتعالى الأصوات تطالب بالقاعدة الثالثة كان يهب واقفاً :
- إذا لم تأكلهم فسوف يأكلونك .. إذا لم تصعد فوق جثثهم سيصعدون فوق جثتك
صمت برهة ثم قال :
سألته ذات مرة من هم الذين سيأكلونني يا عم سلطان لم يجبني وإنما قال : [يبدو أنك مغفل يا طلعت يا بني ولن تستفيد من نصائحي] .
كست وجهه ابتسامة عريضة عندما تذكر الجاويش سلطان وأيام الزنزانة ورفاقها .. لكن الابتسامة تلاشت سريعاً عندما تذكر أخته وأمه وقد تركهما في غرفة كئيبة تحت سلم أحد البيوت القديمة عض على شفتيه عندما تذكر ما فعله به وبهم ذلك المحامي.. رنت في أذنيه كلمات سلطان ..
- "سوف يأكلونك" .. "يبدو أنك مغفل" .
أفاق من أفكاره على صوت صراخ عالٍ .. التفت بحركة سريعة نحو مصدر الصوت فاهتزت الدراجة تحته وكاد يفقد توازنه.
رأى سيارة ميكروباص تمرق عن يساره كانت هي مصدر الصوت .. لمح رجلاً في المقعد الخلفي يحاول أن يكمم فم امرأة تجلس إلى جواره لم يكن في السيارة غيرهما والسائق الذي كان يسير بسرعة جنونية .. فهم ما يحدث .
دون أن يشعر وجد يده تلوي مقبض الوقود عدة مرات متتابعة..
كانت المرأة قد تخلصت من يد الرجل الثقيلة وألقت برأسها خارج النافذة فعلا صراخها.
استطاع أن يراها بوضوح.. إنها فتاة في العشرين من عمرها كانت تستر رأسها بغطاء رأس أخضر اللون وكانت نقاط دماء قليلة تسيل من أنفها وتلطخ شفتها.
زاد من سرعته وقد توترت كل عضلات جسده عندما تذكر شقيقته التي تركها في (قنا) كانت تشبهها بدرجة ما.
راح يكرر وكأنه غير مصدق.
- هكذا في قلب القاهرة
- لاحت له صورة (سلطان) وهو يقول "الناس أتغيرت يا بني" .
شعر بارتياح عندما استطاع اللحاق بالميكروباص ألقى نظرة نارية نحو الرجل الجالس إلى جوار الفتاة يحاول تكميمها وعندما تقدم قليلاً ألقى نظرة نارية أخرى صوب السائق .. أسفل كلا الرجلين سلاحاً أبيض راحا يلوحان به وهما يبادلانه نفس النظرات النارية.. لم يعبأ بذلك .. فهو لم يخف في يوم من الأيام من السلاح الناري الذي كان يشهر في وجهه.. انفرجت أساريره عندما بدأت دراجته النارية تتخطى الميكروباص .
هم بأن ينحرف يساراً ليعترض طريق الميكروباص لكنه عدل عن ذلك في اللحظة المناسبة .. اكتشف أنه لن يستطيع إجباره على التوقف .. إنه يحتاج إلى مساعدة ..
نظر في المرآة العاكسة .. وكانت سيارة سوداء تقترب منهما .. هدأ من سرعته وترك الميكروباص يسبقه .
كان صراخ الفتاه لا يزال يدوي عالياً.
عندما حاذته السيارة السوداء أطلق آلة التنبيه مراراً كي يلفت انتباه الرجل البدين الجالس خلف مقود السيارة والذي كان يلتهم كيس شيبسي بهدوء شديد وكأنه لا يسمع صراخ الفتاة.
انحرف نحوه حتى صار إلى جواره تماماً وراح يطلق آلة التنبيه..
أخيراً التفت الرجل البدين نحوه ولكن في قرف ظاهر .. صاح به
- كن في حالك ..
تمتم في نفسه (( إنه يسمعها إذن )) زاد من سرعته كي يدرك الميكروباص وكأنه يريد أن يطمئن على الفتاة .. كانت تجاهد أن تبقي رأسها خارج نافذة السيارة بينما الجالس إلى جوارها يحاول بكل قوته جذبها إلى الداخل.
التقت عيناه الممتلئتان تصميماً وقلقاً بعينيها الممتلئتين خوفاً واستعطافاً .
تأخر قليلاً للمرة الثانية حتى سار بحذاء سيارة شيروكي .. كان سائقها يتطلع باهتمام إلى مصدر الصوت .. تمتم طلعت في نفسه (( هذا سيساعدني )) .
اقترب منه وهو يصيح به
- جريمة.. محاولة اغتصاب.. ساعدني
غمز السائق بعينه وأشار بيده إشارة خفية هدب المقعد الخلفي .. هدأ طلعت من سرعته قليلاً واقترب أكثر فأكثر من الزجاج الداكن قبل أن يمد يده ليطرق على الزجاج استطاعت عيناه أن تتبين رجلاً يطبع قبلة على شفتي امرأة .. انتبه الرجل إليه فأطلق سباباً بذيئاً .
كان صراخ الفتاة لا يزال يدوي
حاول أن يزيد من سرعته للمرة الثالثة ليلحق بالميكروباص لكنه فوجئ بالطريق مسدوداً أمامه فلقد انشقت الأرض عن سيارة ميكروباص أخرى راحت تسير بحذاء ميكروباص الفتاة المختطفة
لمح السائقان يتبادلان بعض الكلمات داعب الأمل خياله.. هيئ إليه أن السائق الثاني سوف يقنع السائق المختطف أن يترك هذه المسكينة ..
حاول أن يقنع نفسه بأن هذا ما يحدث الآن وأن السائق المختطف سيهدئ من سرعته ثم يتوقف فيفتح باب السيارة ويلقي بهذه المسكينة خارجه .
لكن شيئاً من هذا لم يحدث..
بل حدث ما لم يتوقعه .. لقد هدأ الميكروباص الثاني من سرعته وترك ميكروباص الفتاة يمضي مسرعاً قبل أن يفهم ما يحدث حوله وجد الميكروباص الثاني ينحرف تجاهه .
- ما هذا ؟!
هكذا صاح طلعت وهو ينحرف بسرعة كي لا يصطدم به..
كان السائق ينظر إليه بتحد وعدوانية وهو لا يزال ينحرف تجاهه سمع بعض كلمات نابية اختتمها السائق بقوله .
- كن في حالك يا ابن الـ ....
حاول أن يزيد من سرعته وهو ينحرف أكثر فأكثر كي ينجو من الميكروباص ..
في اللحظة الأخيرة أفلت بأعجوبة .. لكن بعد أن اصطدمت عجلته الأمامية بالرصيف بينما صدمت مقدمة الميكروباص الحقيبتين خلفه ..
اهتزت الدراجة بعنف شديد .. لكنه استطاع أن يحفظ توازنها.. لم يسقط .. لكن الحقيبتين سقطتا .. استطاع أن يراهما في المرآة وهما تتدحرجان فوق الرصيف..
عض على شفته وهو يتذكر الشيكات التي وقع عليها .. أدرك أنه سيدخل السجن قريباً بسبب هذه الشيكات .. لكنه على أية حال لم يفكر ولو للحظة واحدة في أن يتوقف للالتقاط الحقيبتين .. فقد كانت حياته في خطر حقيقي .. فالميكروباص لا يزال يطارده .. زاد من سرعته .. فوجئ بميكروباص الفتاة يفسح له الطريق .. أدرك أنها خدعة وأنه سيطيح به عندما يحاذيه .. لم يك أمامه مفر فالميكروباص الخلفي يقترب منه بسرعة .. دخل إلى الفخ المنصوب له وهو يلقي نظرة اعتذار أخيرة صوب الفتاة المسكينة ..
كانت لا تزال تصرخ ..
- أنقذني ..
وهي لا تدري من فرط جزعها أنه الآن في حاجة إلى من ينقذه..
فجأة دوت صفارة عالية .. " ما هذا ؟! "
تساءل في نفسه مندهشاً
إنه يعرف هذا الصوت جيداً .. ألقى نظرة في المرآة العاكسة .. لم يجد الميكروباص وراءه لقد هدأت سرعته فجأة وانزوى على يمين الطريق ..
تنفس الصعداء .. وألقى نظرة خاطفة في المرآة للمرة الثانية ليكتشف أن عربة زرقاء تنهب الأرض بسرعة متجهة نحوه من الخلف ..
عاد إليه توتره ..
سيارة مثل هذه هي التي طاردته يوم اعتقل قبل أعوام طويلة.. والآن يبدو أن المشهد يتكرر للمرة الثانية .. (( لكن لماذا هذه المرة )) ..
تساءل في نفسه مندهشاً .. جاءته كلمات سلطان تجيب على تساؤله .. (( كن في حالك )) .
(( لكن لم أرتكب جريمة )) ..
هكذا قل في نفسه ثم راح يفكر وكأنما يعد دفاعه ..
(( نعم أنا طاردت السائق .. كنت أريد إنقاذ الفتاة.. هذا واجب شرعاً وأخلاقاً .. وأيضاً قانوناً)).
كان ثلاثتهم يسير بسرعة جنونية طلعت وسائق الميكروباص وقائد عربة الشرطة الذي ما إن اقترب من الدراجة حتى رآه في المرآة العاكسة بوضوح .. تمتم نفسه : (( ضابط هو الذي يقودها )) .
ازدرد ريقه بصعوبة فالضابط يطارده بنفسه (( الأمر إذن خطير ))
صاح وكأنما أدرك السر
الحقيبتان !! الحقيبتان !!
لقد فهم الآن ما يحدث .. لقد تخوف الضابط من هاتين الحقيبتين وظن أنه ألقاهما عمداً على الرصيف.. تمتم في نفسه ..
(( لابد أنه ارتاب.. لقد ظنهما مليئتين بالمتفجرات ))
كانت سيارة الشرطة قد حاذته في هذه اللحظة التفت نحو الضابط ليقول له إنهما سقطتا منه.. ولكنه لم ينطق بحرف واحد ..
ماتت الكلمات فوق شفتيه .. كانت يد الضابط تمتد بمسدسه الأسود نحو رأسه ..
أدرك أنه قد حوكم وحكم عليه بالإعدام .. ارتجت قبضته من فوق مقود الوقود وأغمض عينيه وراح ينطق الشهادتين بسرعة قبل أن يدوي صوت الرصاص الذي لم يتأخر طويلاً.. فبعد أقل من ثانيتين سمع الصوت الذي ينتظره..
فوجئ بأنه لم يصب .. أدرك أن الضابط أخطأه في المرة الأولى وأنه سيعاجله لا محالة بالطلقة الثانية والثالثة والرابعة.. حدث بالفعل ما توقعه وانطلقت رصاصة ثم أخرى ثم أخرى ..
فتح عينيه مندهشاً عندما أخطأته كل هذه الرصاصات . . فوجئ بسيارة الشرطة والميكروباص ترتطمان بالأجناب عدة مرات .. فجأة فقد الميكروباص سرعته .. أدرك أن الرصاصات قد أطلقت على عجلات الميكروباص وليس على رأسه هو ..
حاول أن يعيد تشغيل دراجته التي توقفت لكنه لم يفلح .. هبط من فوقها مسرعاً وراح يعدو كانت الفتاة قد هبطت مسرعة.. بينما الشقيان يتجهان نحو الضابط الذي راح يهددهما بسلاحه كي يتوقفا..
صاح به طلعت وهو يجري نحوه..
- احترس .. احترس ..
رنت في أذنه كلمات سلطان
- إذا لم تأكلهم فسوف يأكلونك
انكفأ على وجهه بعد أن اصطدمت قدمه بحجر
ارتطمت رأسه عدة مرات بالأرض ثم بحافة الرصيف الحجري.. نهض مسرعاً وقد أمسك رأسه بيده اليسرى .. كان الدم يسيل غزيراً ..
قبل أن يطبق الشقيان على يد الضابط صاح به طلعت..
- اضرب .. اضرب ..
دوت بالفعل رصاصة لكنها كانت متأخرة لقد تمكن الشقيان من نزع سلاحه واستقرت الرصاصة في صدره..
صرخت الفتاة الواقفة غير بعيد وهي تغطي وجهها ..
أسرع الشقيان هاربين بعدما وصلت السيارة السوداء والشيروكي ..
عندما وصل هو إلى حيث يرقد الضابط كان راكب السيارة الشيروكي قد هبط منها وراح يضرب كفاً بكف وهو ينعي غياب الأخلاق .. وضياع الشهامة ..
انحنى طلعت فوق الضابط المصاب وراح يضغط بيده اليمنى على موضع النزف.. بينما كانت يده اليسرى لا تزل تمسك برأسه وهو النازف أيضاً ..
سمع راكب السيارة السوداء يصيح في هاتفه المحمول ..
- نعم نعم أنا رئيس التحرير.
أكتب عنوان الصفحة الرئيسية [ضابط شجاع يضحي بحياته لإنقاذ فتاة وسط سلبية عجيبة من المارة وراكبي السيارات]..
اسمع واسمع احجز لي الصفحة الخامسة كلها تحت عنوان كبير [ السلبية ] لا تنس أن تضع صورتي في وسط الصفحة..
اكتشف أن الأمر قد انتهى.. لقد كانت الإصابة في القلب مباشرة ..
قام وكلتا يديه تقطر دماً ..
اتجه نحو صاحبي السيارتين الشيروكي والمرسيدس السوداء وراح يلطخ وجوههما بالدم .. قبل أن يستدير ليلطخ وجوه جميع الواقفين والمارة ..
- انتهت –
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://assemabdelmaged.alafdal.net
 
طاردة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
وسع للكبير :: أدب اسلامي :: أدب اسلامي-
انتقل الى: