وسع للكبير
مرحباً بك
فى منتدي الشيخ عاصم عبد الماجد
يشرفنا تواجدك معنا
وسع للكبير
مرحباً بك
فى منتدي الشيخ عاصم عبد الماجد
يشرفنا تواجدك معنا
وسع للكبير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

وسع للكبير


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 خيوط الألم .... قصة قصيرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin
Admin


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 315
نقاط : 957
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/02/2013

خيوط الألم  .... قصة قصيرة Empty
مُساهمةموضوع: خيوط الألم .... قصة قصيرة   خيوط الألم  .... قصة قصيرة Emptyالإثنين فبراير 04, 2013 10:10 pm

بقلم / عاصم عبد الماجد

( 1 )

استيقظت على صياح الديكة ، قامت مسرعة ... توضأت و صلت الصبح .. قبل أن تنهي صلاتها كان طفلها الرضيع قد استيقظ وملأ الدنيا صياحاً ... أتمت الصلاة بسرعة وسحبت قطعة البطانية القديمة التي يرقد فوقها ... رفعته إلى صدرها وألقمته ثديها .
نظرت إلى طفلتها التي لم تجاوز الثالثة من العمر ، ودت لو تركتها نائمة ... لكن لا مفر ... هزتها برفق ـفاطمة ... فاطمة .
تأوهت الطفلة ثم فتحت عينيها المجهدتين ... وأغمضتها مرة ثانية عندما تذكرت أنها ستذهب مع والدتها في المشوار الطويل .
هزتها مرة ثانية ... لم تجد أمامها إلا أن تجلس في إعياء ثم تتثاءب ... بعد قليل خرجت تجر طفلتها وعلى كتفها رضيعها ... كان البرد شديداً ـ وهواء الصباح لا يرحم ، كأنه قطع الثلج الجامدة.
انحنت قليلاً وحملت طفلتها على زراعها الأخرى وضمتها إلى صدرها لعلها تجد قليلاً من الدفء ... و عندما تعبت .. اضطرت لأن تعيدها إلى الأرض مرة ثانية وتمسك بيدها وتجرها .
وأخيراً وصلت إلى الشارع ... انحرفت فيه يميناً ... كان السُنيَّةُ خارجين للتو من مسجدهم بعد صلاة الصبح ... أحست باطمئنان بالغ عندما رأتهم قبل أن تمني نفسها برزق وفير .

( 2 )

كالعادة قعدت داخل الكشك الصغير فريسة للملل و الضيق و الحزن فهي لم تعرف غير هذه الثلاثة منذ خمسة أشهر عندما توفى زوجها ... وإلى الآن هي لا تصدق أنه قد مات.
استيقظت ليليتها في منتصف الليل على صراخه ... كان يتلوى ممسكاً جنبه وخرجت به إلى المستشفي ... كان الطبيب الشاب يجلس في غرفة الاستقبال يدخن وأمامه زميلته الطبيبة ... سقط زوجها على الأرض وهو يتلوى ... لم يتحرك الطبيب ... أشار للممرض الذي فحصه وقال : بسيطة ... مغص كلوي.
تمتم الطبيب بكلمات وهو يكتب اسم دواء على ورقة صغيرة أخذها الممرض وطلب منها شراءه من أي صيدلية وأن تشتري معه محقناً ...
- خرجت مسرعة و بيدها الورقة ... خرج الممرض وراءها :
- لا داعي لذهابك سأشتريها لك .
- يستر عرضك .
وقف و لم يتحرك ! ... فهمت ، فسألته:
- بكم ؟
- جنيه ونصف.
أخرجت النقود بسرعة وعادت إلى جوار زوجها في ناحية من غرفة الاستقبال ـ كان الطبيب لا يزال يدخن ويتحدث مع زميلته ... وزوجها لا يزال يتأوه ـ انحنت عليه تطمئنه أن الدواء سيأتي حالاً ... بعد قليل عاد الممرض وبيده زجاجة صغيرة ومحقن مستعمل ... فهمت أنه خدعها وأحضر ذلك من المستشفي ولم يشتره ... لم تتكلم .
بسرعة كسر عنق العبوة الصغيرة وسحب ما بها وانحنى على زوجها، قبل أن ينزع الإبرة من ذراعه كان قد توقف عن التأوه.
- الحمد لله.
هكذا قالت ... التفتت إلى الممرض لتشكره فوجئت بوجهه ممتقعاً و عينيه زائفتين ... هرع إلى الطبيب و هو يصيح في ذعر:
- حساسية ... عنده حساسية .
انتفض الطبيب !!
- ماذا .. يا جاهل ... ألم تجر له اختبار حساسية.
- لا لم أفعل.
- يا غبي، لو مات الآن ستحدث لنا متاعب.
انتفضت مذعورة :
- ماذا ؟!
كان وجهه مصفراً وأنفاسه تتلاحق و وجهه يتصبب عرقاً ... سحب الطبيب ورقة أخري وكتب عليها بعض حروف ودفعها إليها :
- بسرعة اشتري هذه ... لو تأخرت قد يموت.
صاحت ... قالت .. لا تدري أي شيء قالت .. في النهاية اندفعت خارجة تعدو لم تتوقف ... قطعت عدة شوارع وهي تجري .. كلما ذهبت إلى صيدلية وجدتها مغلقة .. أخيراً وصلت إلى صيدلية المحطة .. دفعت الورقة إلى الصيدلي قال .. :
- جنيهان.
- معي واحد فقط .
مط شفتيه و دفع الورقة .. صاحت ..
- بالله عليك الرجل سيموت.
- هز رأسه في بلادة .. صاحت ..
- و الله يا بك سأحضر لك الجنيه الثاني قبل الصبح لكن الرجل سيموت الآن.
بدا كأنه لم يسمع .. نزعت حلقاً من أذنها ..
- و هذا رهن عندك.
ظهرت عليه علامة الرضا .. غاب قليلاً .. و أحضر عبوة زجاجية صغيرة .. قبل أن يمد يده بها خطفتها و انطلقت تعدو ...
عندما وصلت وجدته خارج غرفة الاستقبال على الأرض .. صرخت بصوت مكتوم.

( 3 )

عند المساء قبل أن تغلق الكشك بساعة .. وقفت سيارة فارهة أمامها .. استبشرت خيراً .. تطلّعت برأسها ناحية الجالس على عجلة القيادة .. لو صدقت فراستها فسوف يشتري بما لا يقل عن ثلاثة جنيهات .. فوجئت بأنه لم يهبط بل خاطبها وهو جالس داخل سيارته.
- من أنتِ ؟
لم تدر ما تقول .. فأردف ..
- من صاحب ترخيص هذا الكشك؟
- زوجي سعيد محروس.
- و أين هو؟
- تعيش أنت ..
- الترخيص لاغي إذن.
- أنا وريثته يا بك.
- هذا يحتاج تجديد ترخيص.
- مَن سعادتك؟
- رئيس الحي.
- أهلاً يا بك .. نفتح " كازوزة ".
- لا .. لا داعي .. الكشك يحتاج تجديد رخصة .. هذا مخالف للقانون.
- نحن على باب الله يا بك ... ولا نعرف شيئاً عن القانون..
- أنا أخدمك..
- يستر عرضك.
- لو لم تستخرجي رخصة، فقد يصادرون الكشك، وتسجل ضدك جنحة وفيها محاكمة وحبس و غرامة.
- سأقوم باللازم.
- ينصر دينك يا بك.
- غداً تحضرين على هذا العنوان الساعة الخامسة مساءً ومعك رخصة زوجك.
- مدت يدها..
- هذه هي الرخصة..
- لا أحتاجها الآن .. غداً الساعة الخامسة.
- في مجلس المدينة؟
- لا ... في البيت.
قالها و هو يغمز بعينه ثم انطلق بسيارته...
أسقط في يدها ... جلست واجمة حتى حان موعد انصرافها.

( 4)

اليوم التالي لم تذهب إليه في الموعد .. وفي ظهر اليوم الثالث مرّ عليها بسيارته وتهددها .. بعدما انصرف كانت يائسة منهارة .. تذكرتهم .. صاحت:
- السُنيَّة ...
خرجت مسرعة من الكشك أغلقته ومضت تسحب طفلتها وتحمل رضيعها .. عند المسجد نادت أحدهم .. أخبرته أن عندها مشكلة.
- انتظري لحظة ...
دخل إلى المسجد .. بعد قليل خرجت من باب آخر امرأة نادتها دخلت معها إلى مكان مخصص للنساء .. جلست إليها و قصت عليها القصة.
قامت ثم عادت إليها .. أخبرتها أنها قصت على زوجها الحكاية .. وإن الأخوة سوف يتصرفون.
رفعت يديها و دعت لهم كثيراً ... بكت وهي تدعو ...
عندما عادت إلى منزلها لم تبت ليلتها بل ظلت ساهرة تتذكر ما حكاه لها زوجها عن "السنية" .. كان يحبهم ... في كل ليلة عندما يعود كان يحكي لها ما سمعه من مواعظ تقال في مسجدهم ... سألته ذات ليلة:
- و أنت تركت الكشك ، و تسمع المواعظ .
أخبرها أنه لا يترك الكشك إلا للصلاة معهم ثم يعود إليه و يجلس فيه ويسمع إلى المواعظ في مكبرات الصوت ..
تذكرت ما قاله لها عن سيدنا عمر بن الخطاب ..
استجمعت ليلتها كل ما في ذاكرتها من حكايات سمعتها منه يرويها عنهم بخصوص سيدنا عمر بن الخطاب ..
في ليلة قص عليها قصة المرأة التي أوقدت على قدر فيه حصى حتى ينام أطفالها الجياع الذين لا تجد ما تطعمهم به .. فلما عرف عمر بحالها بكى ولم ينم حتى أحضر لها دقيقاً وصنع لها ولأولادها طعاماً بيده ...
حاولت أن تتذكر شيئاً آخر حكاه لها عن عمر بن الخطاب لكنها لم تستطيع أن تتذكر .. غير هذه القصة.
بعد قليل تذكرت أنه حدثها قبل أن يموت بشهر عن مقتل عمر ...
باتت ليلتها حزينة باكية .. قال لها:
- لا تحزني .. إذا جاء ولد سنسميه عمر .. و عندما يكبر سيكون مثل عمر ..
بعد وفاته بشهرين جاء ولد وأسمته عمر .

( 5 )

وقف بسيارته أمام الكشك انتفضت مذعورة حينما وجدت وراء سيارته سيارتين للشرطة وثالثة لا تدري ما هي بالضبط ... أشار لسيارات الشرطة بيده ... نزل الضباط والجنود ... تقدموا منها، صاح الضابط ..
- أخرجي.
- ماذا ؟!
- معنا أمر إزالة.
خرجت مسرعة .. تعدو ناحية المسجد، فوجئت بالباب مغلقاً .. كان عليه شمع أحمر .. فهم الضابط ما كانت تريده .. صار و هو يضحك.
- كلهم في السجن الآن يا بنت الـ ..
تقدمت سيارة ضخمة نزلت منها رافعة بها خطاف .. صاحت:
- الأولاد .
خطفتهم بسرعة و خرجت .. توسلت إلى الضابط ..
- حرام .
- حرمت عليك عيشتك .. أوامر البك هكذا .
لم تلتفت إلى البك الذي كان يدخن سيجاراً قالت للضابط:
- أترك البضاعة ... اسمح لي أن آخذ البضاعة ..
التفت الضابط إلى رئيس الحي الذي هز رأسه بالرفض ... أشار الضابط بيده فزمجرت الرافعة، وبدأ الكشك يزعق وهو ينخلع تاركاً الأرض .. صرخت طفلتها .. جذبتها وراحت تمشي في انكسار مبتعدة ....

( 6 )

صاح الديك فاستيقظت ... صلت الصبح .. صرخ "عمر" الرضيع جذبته وضمته إلى صدرها ... ضغطت على ثديها لعله يدر ولو قطرات استمر في بكائه .. راحت تهزه تحاول أن تسكته مخافة أن تستيقظ أخته فاطمة .. لم يسكت .. استيقظت فاطمة .. بكت هي الأخرى ..
ذكرّت أمها أنها لم تذق طعاماً منذ صباح الأمس، وأنها جائعة لم تكن في حاجة لأن تتذكر هذا ..
- متى سآكل؟
- قربتها ... ضمتها و مسحت على رأسها:
- بعد قليل يا بنيتي.
- منذ البارحة و أنت تقولين بعد قليل.
- سالت دموعها وانفجرت وهي تقول :
- وماذا اصنع يا بنيتي .. سيدنا عمر بن الخطاب مات .. والسنية في السجن ..
صرخ الطفل الرضيع .. راحت تهزه وهي تمسح دموعها .. تمتمت في نفسها ..
- "متى ستكبر يا عمر" .

- تمت -

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://assemabdelmaged.alafdal.net
 
خيوط الألم .... قصة قصيرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
وسع للكبير :: أدب اسلامي :: أدب اسلامي-
انتقل الى: