بقلم م/ عاصم عبد الماجد
راح القط الجالس على مقعد القاضي يقلب أوراق الدعوى الموضوعة أمامه.. وقبل أن ينتهي من قراءتها رفع رأسه وخلع نظارته وراح يلوّح بيده مبرزا ً مخالبها في وجه الفأر الصغير الواقف في قفص الاتهام :
الأدلة كلها ضدك أيها الفأر اللئيم .. الجريمة ثابتة .
جريمة ماذا أيها القط ؟؟!!!
اخرس يا كلب .. أقصد يا فأر .. تكلم باحترام .. لا تنادني إلاّ بسيدي .. قل لي يا سيدي القاضي .. أنا سأعلمك الأدب .
سكت الفأر مكرهاً.. فاسترسل القط :
كنت سأستعمل معك الرأفة .. لكن نظراً لسوء أدبك سأستعمل معك القانون دون رأفة .. حكمت المحكمة حضوريّاً على المتهم ....
هبّ قط آخر واقفاً ليقاطع القط الأكبر :
سيدي القاضي .. النيابة لم تتكلم بعد !!!
اضطرب القط القاضي قليلا ً قبل أن يقول وقد تجهم وجهه:
وهل هذا ضروريّ أيها القط وكيل النيابة ؟؟!!!
نعم يا سيدي هكذا ينص القانون .. والدفاع لا بدّ أن يتكلم هو الآخر .
أف..أف..هل سأنتظر حتى يتكلم الدفاع أيضاً .
نعم.. نعم .. يا سيدي.
هذا شيء مزعج جداً .
لا بد من ذلك يا سيدي .
لكن أيها القط وكيل النيابة هذا سيؤدي إلى تعطيل المحاكمة .. وبذلك تتأخر العدالة .. والعدالة البطيئة هي عين الظلم السريع .
صاح القط المتخفي في رداء المحاماة:
هذه حكمة رائعة يا سيدي القاضي !!
نعم .. نعم .. نريد أن تأخذ العدالة مجراها بسرعة .. فإذا كان هذا الفأر اللئيم مسيئاً عاقبناه .. وإن كان محسناً أكلناه .
صاح القط المحامي :
يحيا العدل.. يحيا العدل .. يحيا العدل .
صرخ الفأر :
لكني لم أوكلك للدفاع عني أيها القط المحامي .
رد القاضي :
اسكت يا متهم .. النيابة تتكلم أولاً .
سيدي القاضي.. التهمة ثابتة والجريمة واضحة لقد اعتدى هذا الفأر اللئيم على اقتصاد الوطن.. ونهش نهشة من الكعكة الكبيرة التي هي ملك لكل أبناء الوطن .
سكت برهة ثم أكمل :
والنيابة تطالب بتوقيع أقسى العقوبات وأقصاها بعد أن تعاين المحكمة الموقرة ما حدث للكعكة الكبيرة .. أقصد لاقتصاديات الغابة .
صاح القط القاضي :
الحرز .. الحرز .. الحرز الذي فيه الكعكة يدخل حالاً .
عندما صارت الكعكة أمامهم صاح القط وكيل النيابة:
انظر يا سيدي هذه آثار أسنانه على جانب الكعكة.
همهم القط الأكبر :
نعم .. نعم ..
قاطعه الفأر الصغير :
هذه ليست آثار أسناني !! أسناني أصغر من ذلك كثيراً !!
بهت القط وكيل النيابة ، ولم يدر ماذا يقول .. فتدخل القط الأكبر بسرعة ليتدارك الموقف :
هذه إذن آثار أسنان أبيك.. أبوك هو الذي اعتدى على الاقتصاد الوطني للغابة الذي هو ملك لنا جميعاً .
هكذا قال القط الأكبر وهو يغمز بعينه للقطين الآخرين .
صاح الفأر محتجاً للمرة الثانية :
أبي مات مظلوماً عندكم وأنتم تعلمون ذلك !! هو لم يشاهد هذه الكعكة أصلاً !!
سكت برهة ثم أكمل :
هذه الآثار تشبه آثار أسنان قط ضخم سمين .
اضطرب القط الأكبر فتدخل القط المحامي قائلاً :
سيدي القاضي أنا أطالب بتعديل التهمة.. فموكلي بريء من أكل الكعكة كما هو واضح .. لكنه قد حرض غيره على أكلها.. فلتكن تهمته التحريض .
تنفس القط القاضي الصعداء وقال :
ليكن .. ليكن .. المهم أن هناك تهمة وجريمة.. وبناءً عليه .. وبناءً عليه .
وقف القط وكيل النيابة قائلاً :
وبناءً عليه أنا أطالب بإعدام المتهم شنقاً .
صاح القط المحامي :
الرأفة سيدي القاضي .. لنحبسه في المصيدة حتى يموت .
قطب القط القاضي جبينه وهو يقول :
حكمت المحكمة حضورياً بحبس الفأر المتهم في المصيدة .. رفعت الجلسة .
بعد أن تم إخراج المتهم من القاعة أطلق القطط الثلاثة السمان ضحكاتهم عالية.. وخلعوا ثيابهم ، وقفزوا إلي الكعكة ، وراحوا يلتهمونها !!
تمت -