وسع للكبير
مرحباً بك
فى منتدي الشيخ عاصم عبد الماجد
يشرفنا تواجدك معنا
وسع للكبير
مرحباً بك
فى منتدي الشيخ عاصم عبد الماجد
يشرفنا تواجدك معنا
وسع للكبير
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

وسع للكبير


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 بائع الأعلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin
Admin


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 315
نقاط : 957
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 04/02/2013

بائع الأعلام Empty
مُساهمةموضوع: بائع الأعلام   بائع الأعلام Emptyالإثنين فبراير 04, 2013 10:16 pm

لم عاصم عبد الماجد
كانت مشاعرة مضطربة متداخلة تماماً مثلما تضطرب أمامه أضواء السيارات وتتداخل مع أضواء الشارع المبهرة.. للمرة العاشرة كاد يسقط تحت عجلات السيارات المسرعة.
كان ساهماً تائهاً هائماً..رغم أنه كان على أعتاب تحقيق حلمه بالحصول على الجنيهات الألف اللازمة لعلاجه من المرض الذي داهمه مؤخراً.
زوجته هي التي اقترحت عليه هذه الفكرة.. فالمباراة قادمة.. وهي ستقوم بشراء القماش وخياطته وسوف تنجز له كل يوم خمسين علماً على الأقل.. وهو سيقوم ببيعها.
في يوم المباراة ضاعفت الإنتاج وأنجزت له مائة وخمسين علماً قالت له:
البيع اليوم سيزداد .. المهم أن تتحرك أنت وتنادي بأعلى صوتك:
(شجع مصر)
كادت آماله ليلتها أن تتبخر عندما اقترب موعد المباراة ولم يكن قد باع الأعلام كلها.. راح يحسب المتبقي معه ويخصم ثمنه من المكسب المتوقع.. كاد يصاب بالاكتئاب.
رجع يجر أذيال الخيبة عائداً إلى منزله وهو يحمل الأعلام الكاسدة على ظهره.. فوجئ بها تستقبله بصيحات الفرح:
هناك مباراة ثانية .. المنافسة اشتعلت!!
لم يفهم قصدها حتى شرحت له ما حدث، وطمأنته إلى أن البيع سيستمر أياماً أخرى حتى موعد المباراة الثانية.
وها هو الليلة قد عاد إلى الشوارع مرة ثانية.. لم يدر ما الذي قاده إلى هذا الشارع بالتحديد .. لكنه فوجئ أنه يقف في مواجهة مسجد جمال عبد الناصر:
"إيه .. أين شعارات عبد الناصر .. أين القطاع العام .. أين مكاسب ثورة يوليو .. أين العمال والفلاحون؟؟!!" هكذا راح يتمتم في أسى.
رفع صوته قليلاً:
شعارات.. أغاني وأناشيد وشعارات كاذبة.. لذلك لم تصمد
سقط منه أحد أعلامه وهو يتنقل قفزاً بين السيارات صائحاً:
شجع مصر
انحني ليلتقطه.. لكنه تراجع إلي الخلف بسرعة عندما مرقت سيارة مسرعة بجواره.. نجا من الموت بأعجوبة لكن عجلات السيارة مزقت العلم.. وسمع صوتاً بداخلها يصيح:
ابعد يا ابن الكلاب
التقط العلم الممزق وعبر الطريق بسرعة ليجد نفسه بجوار ضريح (عبد الناصر) هاجمته الأفكار مرة أخرى:
المصنع الذي كان يعمل به أغلقوه منذ عشرة أعوام وسرحوا العمال .. قالوا لهم كذباً إن المصنع سيتم تجديده بالكامل وسيعاود العمل والإنتاج.
بعد ذلك فوجئوا بالمصنع يزال من فوق الأرض لترتفع مكانه أبراج شاهقة تليق بعلية القوم.
"أيه أين: (كفاية الإنتاج وعدالة التوزيع) .."
قهقه هذه المرة بصوت مرتفع وهو يصيح:
شعارات.. شعارات..
شجع مصر .. شجع مصر
الذي يضايقه الليلة كثيراً أن العلم المصري يرفعونه في الإستاد في وجه علم الجزائر.. وكأن الدولتين في صراع وحرب.
هو يتذكر جيداً أيام ثورة الجزائر.. كان في التاسعة من عمره وقتها.. مصر هي التي دعمت ثورة الجزائر .. قالوا لهم يومها كلاماً كثيراً عن القومية العربية.
اكتشفت اليوم أن ذلك كله لم يصمد وأنه انهار.. انهار حتى بداخله هو.. هو الذي كان يوماً ما مؤمناً بهذه الأفكار، إنه يبيعها اليوم ببساطة شديدة من أجل الحصول على المال الذي يحتاجه.
شعر بتمزق شديد بداخله.. قرر أن ينصرف بسرعة من هذا المكان.. استوقف تاكسياً وقذف الأعلام بداخله وركب بجوار السائق.. الذي سأله عن وجهته.
فأجابه:
أي مكان
تعجب السائق من إجابته فتدارك الأمر بسرعة:
البيع هنا قليل.. أي مكان مزدحم بالسيارات
بعد دقائق قليلة.. كان يهبط بأعلامه في شارع شديد الازدحام.. راح يلوح بالأعلام وهو يصيح صيحته الشهيرة:
شجع مصر .. شجع مصر
بعد أقل من دقيقة اكتشف أنه يقف بالقرب من قبر الجندي المجهول.. راح يصعد النظر في هذا البنيان العجيب.
لقد رآه من قبل كثيراً .. لكنه الليلة حمل إليه ذكريات الماضي البعيد عندما شارك في حرب 73.. لقد رفع العلم المصري يومها شرق القناة فوق إحدى نقاط خط بارليف الحصينة.
انتفض جسده من النشوة وهو يتذكر تلك اللحظة العظيمة عندما انتزع العلم الإسرائيلي وألقاه فوق الأرض وداسه بقدميه.. ورفع مكانه علماً كهذا الذي يحمله الآن فوق ظهره.
قبل أن يصيح صيحته المعتادة:
"شجع مصر"
تذكر أنه اليوم يرفع علم مصر في مواجهة علم الجزائر.
ماتت العبارة فوق شفته فلم ينطقها، هو يعلم أن قوات جزائرية كانت تقف إلى جواره في عام 73.
للمرة الثانية شعر أنه لابد وأن ينصرف.. استوقف تاكسياً وألقي الأعلام بداخله وصاح بسائقه:
أي مكان
نزل هذه المرة في بقعة مظلمة.. أحس بوحشة غريبة.. رأى ضوءً يلمع من بعيد.. دون أن يشعر كانت ساقاه تحملانه صوب هذا الضوء.
اكتشف بعد فترة أنه ضوء مأذنة مسجد!! أسرعت به قدماه.. كان صوت الإمام يعلو شيئاً فشيئاً.. إنه يسمعه الآن بوضوح :
(إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)
كان كأنما يسمع هذه الآية للمرة الأولى.. انتشله صوت الإمام من أفكاره وأحزانه.. أحس بالآيات تغسل قلبه بماء بارد.
راح يعدو صوب النور وهو يلقي بالأعلام في الظلام صائحاً:
أمه واحدة
أمة واحدة
أمة واحدة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://assemabdelmaged.alafdal.net
 
بائع الأعلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
وسع للكبير :: أدب اسلامي :: أدب اسلامي-
انتقل الى: